{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)}{لإيلاف قُرَيْشٍ} الإيلاف على ما قال الخفاجي مصدر ألفت الشيء وآلفته من الألف وهو كما قال الراغب اجتماع مع التئام وقال الهروي في الغريبين الإيلاف عهود بينهم وبين الملوك فكان هاشم يؤلف ملك الشام والمطلب كسرى وعبد شمس ونوفل يؤالفان ملك مصر والحبشة قال ومعنى يؤالف يعاهد ويصالح وفعله آلف على وزن فاعل ومصدره آلاف بغير ياء بزنة قبال أو ألف الثلاثي ككتب كتابًا ويكون الفعل منه أيضًا على وزن أفعل مثل آمن ومصدره إيلاف كإيمان وحمل الإيلاف على العهود خلاف ما عليه الجمهور كما لا يخفى على المتتبع وفي البحر إيلاف مصدر آلف رباعيًا وآلاف مصدر ألف ثلاثيًا يقال ألف الرجل الأمر ألفًا وآلافًا وآلف غيره إياه وقد يأتي آلف متعديًا لواحد كآلف ومنه قوله:من المؤلفات الرمل أدماء حرة *** شعاع الضحى في جيدها يتوضحوسيأتي إن شاء الله تعالى ما في ذلك من القراآت وقريش ولد النضر بن كنانة وهو أصح الأقوال وأثبتها عند القرطبي قيل وعليه الفقهاء لظاهر ما روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل من قريش فقال من ولد النضر وقيل ولد فهر بن مالك بن النضر وحكي ذلك عن الأكثرين بل قال الزبير بن بكار أجمع النسابون من قريش وغيرهم على أن قريشًا إنما تفرقت عن فهر واسمه عند غير واحد قريش وفهر لقبه ويكنى بأبي غالب وقيل ولد مخلد بن النضر وهو ضعيف وفي بعض السير أنه لا عقب للنضر بن كنانة إلا مالك وأضعف من ذلك بل هو قول رافضي يريد بن نفي حقية خلافة الشيخين أنهم ولد قصي بن حكيم وقيل عروة المشهور بلقبه كلاب لكثرة صيده أو لمكالبته أي مواثبته في الحرب للأعداء نعم قصي جمع قريشًا في الحرم حتى اتخذوه مسكنًا بعد أن كانوا متفرقين في غيره وهذا الذي عناه الشاعر بقوله:أبونا قصي كان يدعي مجمعا *** به جمع الله القبائل من فهرفلا يدل على ما زعمه أصلًا وهو في الأصل تصغير قرش بفتح القاف اسم لدابة في البحر أقوى دوابه تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى وبذلك أجاب ابن عباس معاوية لما سأله لم سميت قريش قريشًا وتلك الدابة تسمى قرشًا كما هو المذكور في كلام الحبر وتسمى قريشًا وعليه قول تبع كما حكاه عنه أبو الوليد الأزرقي وأنشده أيضًا الحبر لمعاوية إلا أنه نسبه للجمحي:وقريش هي التي تسكن البح *** ر بها سميت قريش قريشاتأكل الغث والسمين ولا تت *** رك يومًا لذي جناحين ريشًاهكذا في البلاد حي قريش *** يأكلون البلاد أكلًا كميشاولهم آخر الزمان نبي *** يكثر القتل فيهم والخموشاوقال الفراء هو من التقرش عنى التكسب سموا بذلك لتجارتهم وقيل من التقريش وهو التفتيش ومنه قول الحرث بن حلزة:أيها الشامت المقرش عنا *** عند عمرو فهل لنا إبقاءسموا بذلك لأن أباهم كان يفتش عن أرباب الحوائج ليقضي حوائجهم وكذا كانوا هم يفتشون على ذي الخلة من الحاج ليسدوها وقيل من التقرش وهو التجمع ومنه قوله:اخوة قرشوا الذنوب علينا *** في حديث من دهرهم وقديمسموا بذلك لتجمعهم بعد التفرق والتصغير إذا كان من المزيد تصغير ترخيم وإذا كان من ثلاثي مجرد فهو على أصله وأيًا ما كان فهو للتعظيم مثله في قوله:وكل أناس سوف تدخل بينهم *** دويهية تصفر منها الأناملوالنسبة إليه قرشي وقريشي كما في القاموس وأجمعوا على صرفه هنا راعوا فيه معنى الحي ويجوز منع صرفه ملحوظًا فيه معنى القبيلة للعلمية والتأنيث وعليه قوله:وكفى قريش المعضلات وسادها ***عن سيبويه أنه قال في نحو معد وقريش وثقيف هذه الأحياء أكثر وإن جعلت أسماء للقبائل فجائز حسن واللام في لإيلاف للتعليل والجار والمجرور متعلق عند الخليل بقوله: {فليعبدوا} والفاء لما في الكلام من معنى الشرط إذ المعنى أن نعم الله تعالى غير محصورة فإن لم يعبدوا لسائر نعمه سبحانه فليعبدوا لهذه النعمة الجليلة ولما لم تكن في جواب شرط محقق كانت في الحقيقة زائدة فلا يمتنع تقديم معمول ما بعدها عليها وقوله تعالى: